لماذا يلجأ المسلمون إلى استدعاء الدين في خضم الحروب؟ هذا السؤال المعقد يحمل في طياته أبعاداً تاريخية، فقهية، ونفسية عميقة تستدعي التبصر. إن استدعاء التعاليم الدينية في زمن النزاع ليس أمراً مقتصراً على المسلمين، بل هو ظاهرة عالمية عبر الحضارات، حيث يوفر الإيمان دافعاً قوياً، وشعوراً بالهدف الأسمى، وتبريراً للجهود والتضحيات الجسيمة. في السياق الإسلامي، يُنظر إلى القتال المشروع (الجهاد) ليس كعدوان أو سعي لفرض الدين، بل كوسيلة أخيرة للدفاع عن النفس، رد الظلم، حماية المستضعفين، أو إقامة العدل في وجه الطغيان. كل ذلك يتم ضمن ضوابط أخلاقية صارمة نصت عليها الشريعة، تمنع استهداف المدنيين، النساء، الأطفال، والشيوخ، وتدمير الممتلكات بلا سبب، مؤكدة على حرمة الدماء والممتلكات. يستمد المقاتل المسلم من دينه الصبر والثبات، ويستشعر عون الله ونصره، بينما يُعطي القتال بعداً روحياً يتجاوز المكاسب الدنيوية العابرة. ورغم ذلك، يجب الإقرار بأن بعض المجموعات قد تستغل الدين لأغراض سياسية أو شخصية، وتشوه بذلك المقاصد النبيلة للشريعة، مما يؤدي إلى مفاهيم خاطئة وممارسات لا تعكس جوهر الإسلام القائم على السلم والعدل. يبقى الفهم الصحيح لتعاليم الإسلام هو أساس الحكم، الذي يؤكد على السلم والعدل وحماية الأرواح، ولا يبيح القتال إلا للضرورة القصوى وبضوابط صارمة تهدف إلى إنهاء الظلم وتحقيق الأمن والاستقرار.
2024/11/17
344
0
- مركز دعوة التايلانديين