الفيديوهات الدعوية

ما هو عيد الأضحى؟
ما هو عيد الأضحى؟

عيد الأضحى هو أحد العيدين الرئيسيين في الإسلام، ويقع في الشهر الثاني عشر من التقويم الهجري، وهو شهر ذو الحجة، أحد الأشهر الحُرم التي تُؤدى فيها فريضة الحج — وهي من أعظم العبادات في الإسلام.

يرتبط عيد الأضحى ارتباطًا وثيقًا بمناسك الحج، فكلاهما يستند إلى قصة نبي عظيم هو إبراهيم عليه السلام، المعروف في اليهودية والمسيحية باسم "أبراهام". 

يرى المسلمون أن مناسك الحج تمثّل اقتداءً بخطى إبراهيم عليه السلام، الذي اجتاز اختبارات عظيمة بثبات وإيمان لا يتزعزع.  

وعيد الأضحى يخلّد ذكرى واحدة من أهم محطات حياته، حين أمره الله بذَبح ابنه إسماعيل عليه السلام.

فأخبر إبراهيم ابنه بما رأى في المنام، وكان رد إسماعيل طاعة وتسليمًا لأمر الله. وعندما همّ إبراهيم بذبحه، تدخّل الله برحمته وفداه بذِبح عظيم. 

إنها قصة عن الثقة الكاملة بالله، والتسليم، والإيمان العميق.

هذه الحادثة ليست مجرّد رواية تاريخية، بل هي رسالة متجددة.

ففي العاشر من ذي الحجة من كل عام، يقدّم المسلمون القادرون الأضاحي — إن استطاعوا — تعبيرًا عن الامتثال لأمر الله وتذكيرًا بتضحية إبراهيم عليه السلام.  

لكن المغزى الحقيقي لا يكمن في الدم أو اللحم، بل في النية والتقوى، كما قال الله تعالى:

﴿لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ﴾

(سورة الحج: 37)

تُقسّم الأضحية إلى ثلاثة أقسام:

ثلث للأسرة،

وثلث للأقارب والجيران،

وثلث للفقراء والمحتاجين.

إنه وقت للعطاء، والتواضع، والتذكّر بأن كل النِّعَم من الله — وينبغي مشاركتها مع الآخرين.

أما لمن لم يذهب إلى الحج، فيبدأ يوم العيد بصلاة جماعية في الصباح، وهو يوم فرح وسرور، وتزاور بين الأقارب، وتفقد للفقراء، وشكر لله على نعمه العظيمة.

وقبل كل شيء، فإن عيد الأضحى يذكّرنا بأن السلام والطمأنينة الحقيقيين لا يأتيان إلا من التسليم لله، فهو الملاذ في كل ابتلاء، والمُنعِم بكل نعمة.

مكانة الأخوّة في حياة الإنسان
مكانة الأخوّة في حياة الإنسان

يولي الإسلام أهمية عظيمة لقيمة الأخوّة، لأنها تُعدّ أساسًا راسخًا لتحقيق الوحدة والتماسك داخل المجتمع المسلم.

فالأخوّة في الإسلام ليست مجرد علاقة اجتماعية، بل هي قيمة متميزة تُشكّل أحد الفوارق البارزة بين الإسلام وغيره من الحضارات السابقة. إنها القيمة التي تبني مجتمعًا متماسكًا قادرًا على مواجهة الشدائد بالمحبة والتآزر.

وقد وصف القرآن الكريم الأخوّة بأنها نعمة من الله عز وجل، بها تآلفت القلوب وزال البغض. يقول الله تعالى:

﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾

(سورة آل عمران: 103)

وهذه الآية تذكّر المؤمنين بأن ما يجمعهم من أخوّة ليس مجرد روابط بشرية، بل هو فضل من الله زرع المحبة والوحدة في قلوبهم.

لذلك، فإن المحبة بين المؤمنين تمثل جوهر الأخوّة، وهي ما يعزز روابطهم ويقوّي بنيانهم الاجتماعي والروحي.

اتجاه واحد، إنسان واحد، إله واحد
اتجاه واحد، إنسان واحد، إله واحد

أكثر من مليار وخمسمئة مليون مسلم حول العالم يتوجهون في كل صلاة نحو اتجاه واحد — مكة المكرمة. يُعرف هذا الاتجاه بـ"القبلة".

وفي قلب مكة تقع الكعبة — بناء صغير على شكل مكعب، موجود في ساحة المسجد الحرام، أقدس مسجد في الإسلام.

المسلمون لا يسجدون للكعبة أو لما بداخلها، بل يسجدون لله الواحد الأحد — الرحمن الرحيم، الحكيم العليم. 

الكعبة ليست إلا مركزًا روحيًا اختاره الله، لتكون رمزًا للوحدة. الاتجاه الواحد في الصلاة لا يربط المسلمين بربهم فقط، بل يربطهم ببعضهم — أمة واحدة، حركة واحدة، هدف واحد.

في البداية، كانت قبلة المسلمين نحو مدينة القدس. لكن بعد حوالي ستة عشر شهرًا من هجرة النبي محمد ﷺ إلى المدينة، نزل الوحي عليه أثناء الصلاة: "فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ"

ومنذ ذلك الحين، أصبحت مكة مركز العبادة الروحية الدائمة في الإسلام.

وقد أوضح القرآن أن تحويل القبلة كان اختبارًا إلهيًا — ليميز من يتبع الرسول حقًا، ومن يرتد على عقبيه. لكن الله طمأن المؤمنين أن صلاتهم السابقة لن تذهب هدرًا.  

وهكذا، أصبحت الكعبة مركز الارتكاز الروحي للعالم الإسلامي.

الحج – رحلة العودة إلى بيت الله
الحج – رحلة العودة إلى بيت الله

كل عام، يهيئ ملايين المسلمين قلوبهم لهدف واحد: العودة إلى بيت الله. ذلك هو الحج — رحلة الإيمان، والحب، والتسليم. إنها عودة إلى الديار الحقيقية.

الكعبة، التي تقع في قلب مكة المكرمة، ليست بناءً عادياً، بل هي أول بيت وُضع للناس لعبادة الله، بناه آدم عليه السلام، ثم جُدّد على يد إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام. كان إيمانهم صادقًا، حتى إن إبراهيم استعد للتضحية بابنه الذي يحبّه طاعةً لله. فلما رأى الله صدقه، فداه بذبح عظيم. واليوم، يحيي المسلمون هذه الذكرى العظيمة بالأضحية، رمزًا للمحبة والثقة في حكمة الله.

الحج أيضًا تكريم لإيمان أم عظيمة — هاجر عليها السلام. تُركت في صحراء قاحلة مع رضيعها إسماعيل، فأخذت تسعى بحثًا عن الماء بين الصفا والمروة سبع مرات، يائسة ولكن مؤمنة. فاستجاب الله دعاءها، وفجّر لها ماء زمزم، الذي لا يزال يتدفق إلى يومنا هذا. ويُحيي الحجاج هذه الذكرى بالسعي بين الصفا والمروة، استحضارًا لشجاعتها وثقتها بالله.

وفي عرفات، يقف الحجاج سواسية، لا فرق بين غني وفقير، ولا بين ملك وعامل. الجميع يرتدون ثياب الإحرام البيضاء البسيطة، يدعون الله ويبكون ويرجون رحمته. في هذا المكان، نزلت آخر آية من القرآن، وهنا تتوجه القلوب كلها إلى الله وحده.

كل خطوة حول الكعبة، كل دمعة، كل همسة في الدعاء، يردد الحجاج: "لبيك اللهم لبيك" — جئناك يا الله، جئناك.

الحج ليس مجرد طقوس، بل هو إعلان أن الله هو مركز حياتنا. الحج هو العودة إليه — إلى من خلقنا، وهدانا، وينتظرنا لنرجع إليه.

تطوير midade.com

جمعية طريق الحرير للتواصل الحضاري