المسجد ليس مجرد مكان لأداء الصلوات والشعائر التعبدية فحسب، بل هو نبض الأمة وقلبها النابض، ومنارٌ شامخ يهدي الأجيال ويرسم لهم طريق الاستقامة والرشاد. تتجلى رسالته السامية في كونه مركزاً جامعاً للعلم والمعرفة، ومنبعاً للأخلاق والقيم الفاضلة التي ترتقي بالفرد والمجتمع بأسره، فهو بمثابة الجامعة الروحية والاجتماعية التي تصقل النفوس وتهذب الطباع. يجمع المسلمين على كلمة الحق ويوحد صفوفهم، ويقوي أواصر الأخوة والتكافل، مما يجعله المحور الأساسي للتربية والتوجيه الاجتماعي، وموئلاً للمشورة وحل النزاعات. على خطى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة، الذي كان منطلقاً لكل نواحي الحياة السياسية والاجتماعية والعلمية، يستمر المسجد اليوم في أداء دوره الحيوي كفضاء للتوعية، ونشر الخير والفضيلة، وغرس قيم التسامح والاعتدال. إنه المؤسسة التي تساهم بفاعلية في بناء مجتمع إسلامي متوازن وقويم، مجتمع ينعم بالعدل والرحمة والسلام، ويجسد تعاليم الإسلام السمحة في كل مناحي الحياة، ليظل بذلك الركيزة الأساسية في صياغة هوية الأمة وتقدمها الحضاري.