البقرة: 30

تُعدُّ هذه الآية الكريمة، وهي الآية الثلاثون من سورة البقرة، مفتاحًا لفهم مكانة الإنسان الرفيعة ودوره العظيم في هذا الكون،
إذ تسرد لنا حوارًا إلهيًا مهيبًا دار بين الله سبحانه وتعالى وملائكته المقربين قبل خلق أبي البشر آدم عليه السلام.
في هذا الموقف الجليل، أعلن الخالق عز وجل عن عزمه على جعل خليفة في الأرض، يحمل أمانة الاستخلاف ويعمرها وفق منهجه القويم.
وعلى إثر هذا الإعلان، تساءلت الملائكة في أدب واستفهام عن حكمة هذا القرار، مشيرين إلى أن من سيُجعل في الأرض قد يفسد فيها ويسفك الدماء،
مقارنين ذلك بحالتهم الملائكية التي لا تنقطع عن تسبيح الله بحمده وتقديسه دون توقف أو معصية، وخلوهم من أي ميل للفساد.
لكن الرد الإلهي جاء حاسمًا ومبينًا لمدى علم الله المطلق الذي لا يحيط به إدراك المخلوقين، فكان قوله الحق: "إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ".
وهذا التأكيد الإلهي يؤسس لحقيقة أن الله تعالى يعلم من الحكمة الخفية في خلق الإنسان وما أودع فيه من قدرات عظيمة،
تفوق تصور الملائكة؛ فالإنسان بقدرته على الاختيار بين الخير والشر، وعلى العبادة والطاعة عن إرادة واعية، يحمل مسؤولية فريدة.
كما أن فيه من القدرات على العلم والإبداع والابتكار ما يؤهله لعمارة الأرض وإقامة العدل فيها وتحقيق الغاية من خلقه،
فهذه الآية الجليلة ترسي أساس مهمة البشر ودورهم المحوري كخلفاء لله في الأرض، بحمل الأمانة وبناء الحضارة على نور الوحي.

مركز دعوة التايلانديين

2025/06/25

48
0
  • مركز دعوة التايلانديين
  • القرآن الكريم

تطوير midade.com

جمعية طريق الحرير للتواصل الحضاري