يونس: 99

تُعد الآية 99 من سورة يونس توجيهًا إلهيًا عميقًا ومبدأً قرآنيًا أصيلًا، حيث تستهل ببيان عظمة قدرة الله المطلقة، مؤكدة أنه لو شاء سبحانه لجعل البشرية قاطبة تؤمن وتذعن دفعة واحدة، فهو القادر على كل شيء. لكن حكمته البالغة اقتضت ألا يكون الإيمان قسريًا أو إجباريًا، بل أن ينبع عن قناعة راسخة واختيار حر وتدبر عقلي وقلبي. تنتقل الآية بعد ذلك لتخاطب النبي محمدًا صلى الله عليه وسلم باستفهام إنكاري بالغ الدلالة، تنفي عنه أي دور في إكراه الناس على اعتناق الإيمان، موضحة أن مهمته السامية هي البلاغ المبين والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، لا فرض العقيدة بالقوة. إن هذه الآية الكريمة ترسخ أحد أهم المبادئ الإسلامية، وهو "لا إكراه في الدين"، مؤكدة أن الإيمان الحقيقي هو ثمرة اختيار واقتناع شخصي عميق، بعيدًا عن أي شكل من أشكال الإجبار أو الترهيب. وفي طياتها سلوى وتطمين للنبي الكريم ولكل من يسلك مسار الدعوة، بأن الهداية من أمر الله وحده، وأن العبد مطالب بالبيان لا بالإلزام. إنها تذكير بأن حرية الاختيار هي جوهر العلاقة بين العبد وربه، وأن الله تعالى أراد لخلقه أن يؤمنوا بصدق نية واقتناع تام، ليثابوا على إيمانهم الطوعي النابع من أرواحهم. هذه الآية تجسد رحمة الله البالغة وحكمته في التعامل مع النفوس البشرية، وتؤكد على قيمة الإرادة الإنسانية في بناء مسارها الإيماني، فلكل نفس اختيارها ومسؤوليتها، مما يجعل الإيمان الحقيقي أكثر قيمة وعمقًا.

مركز دعوة التايلانديين

2025/06/25

52
0
  • مركز دعوة التايلانديين
  • القرآن الكريم

تطوير midade.com

جمعية طريق الحرير للتواصل الحضاري